الريحُ يعلو في الظلام عويلُها
و الرعدُ من فوقي يدوّي
و السحائبُ و الثلوجُ
و هجمةُ البرد الشديد
كلٌّ عليّ تكالبت
و أنا هنا في مهجعي
روحٌ طريد
الريحُ يا أختاهُ تجلدني
و قد بَليَت ثيابي
من سياط الفقرِ
و الدهرِ العنيد
روحي تئنُّ من العذابِ
و مهجتي من جور فقرٍ تشتكي
و الدّهرُ لا يصغي لأنات الشريد
جسدي يمزّقهُ الصّقيعُ
و أنا هنا عارٍ بلا سترٍ
كألواحِ الجليد
كوخي ترنّحَ
تحت وقعِ الريحِ مثلٓ فَراشةٍ
أضلاعهُ تصطكّ طول الليلِ
و الأناتِ تطلقها
كأنات الثكالى
فوق جثمان الفقيد
الصّمتُ يَسمعُ في الظلام أنينها
و الكونُ ردّد والسماءُ له تعيد
و دمي تجمّد في عروقي
من سياط الخوفِ
و الإحباطِ و البرد الشديد
وحدي هنا
و البردُ يمعنُ في عذابي
و الظلامُ كمثلِ طَوْدٍ
جاثمٌ ما فوق صدري
لا يفارقني ولا عني يحيد
لا بدر يؤنسني
ولا نجمٌ يطلّ من السماء
ولا ضياءٌ من قريبٍ أو بعيد
ألثلجُ يا أختاهُ و الظلماءُ حولي
و الرياح تزيدُ في طغيانها
و أنا هنا وحدي بكوخٍ من جريد
و أديرُ طرْفي في الظّلامِ فلا أرى
إلا ديوك الجنِّ و الأشباح
تهتفُ بالهلاكِ و بالوعيد
و بحار همي قد علت أمواجها
و غدوتُ وحدي من يقودُ سفينٓها
و أنا مُسافِرها الوحيد
و طموحيَ المجنونُ
يعلو ثمّ يخبو
و السنينُ تسيرُ مسرعةً
و عمري ينقضي
من دونِ إنجازٍ مفيد
إني سئمتُ العيشَ
في دُنيا وحوشٍ
ليس فيها من مكانٍ
للمسالمِ و البريءِ
و ليسَ فيها من جديد
قلبي غزاهُ اليأسُ
و البؤسُ اصطفاني
دون خلق اللهِ
و الآمالُ في نفسي تلاشت
كالسرابِ ببطنِ بيد
و الحظّ جافاني
فلا دربي يدانيها النّجاحُ
ولا أنا أبداً سعيد
إنّي ضجرتُ من الحياةِ
فدهريَ الغدّارُ دوماً
في صدودٍ أو جحود
لكنّني سأظلُّ أحلمُ بالخلاصِ
برغمِ طولِ الليلِ
و الفجرِ البعيد
سأظلُّ أرقبُ
شمس حظي أن تُطلّ
لأنني آمنتُ أنّ اللهَ يعطي
كلّ مجتهدٍ رشيد
و لأنني آمنتُ
أنّ الله يعطي الصابرينَ
بلا حدود
و لأنني أيقنتُ
أنّ الحظّ صبرٌ في الشدائدِ
إن ملكنا العقلَ و العزم الأكيد
أوَ ليسَ من يحيي الخلائقَ
بعدَ موتٍ
قادرٌ أن يُحييَ الأملَ الفقيد
سأشقُّ دربي في الحياةِ
برغمِ نحسي
و إن كبوتُ لسوفَ أنهضُ
ثم أكبو ثم أنهضُ
ثم أكملُ من جديد
لأعلّم الأجيال أنّ المرءَ
بالإصرارِ يبلغُ
كلّ مايصبو إليهِ و ما يريد
_____________
يوسف العيسى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق