ابن الحزن ..
لك اللهُ يا بنَ الحزنِ طالَ تواجدُه°
و حتّى إذا ولّى تأّتت مواجِدُه°
.
صراخُكَ مكتومٌ و صمتُكَ صارخٌ
و صوتُكَ عالٍ .. ليس خافٍ تُصاعِدُه
.
جراحُك دوماً عابساتٌ شفاهُها
و وجهُك وضّاءٌ و بِشرُك سائِدُه
.
و تلعقُ جرحاً إثرَ جُرحٍ لعقتَهُ
تقول : " و هل يشكو الكريمَ مُعاهِدُه "
.
تمرّستَ بالأحزانِ و الدهرُ شاهدٌ
كأنّكما خيلا رِهانٍ تجالِدُه
.
أضرّكَ إقدامٌ و غيرك محجمٌ
لكلِّ حبيبٍ في هواهُ مكائِدُه
.
تبعثرُكَ الدنيا فترجعُ صامدا
تلملمُ ما يبقى و تبقى شدائِدُه
.
تقول الليالي : " ما لهذا مدامعٌ "
و دمعُك سيّالٌ و جفنكَ شاهِدُه
.
و تنهرُكَ الأيامُ " إنّكَ فاشلٌ "
و قد شهدت نصراً عليكَ قلائِدُه
.
فقلبُكَ يحوي بالنقيضينِ مرغما
فللهِ قلبٌ بينَ جنبيكَ حامِدُه
.
لقد ماتَ مِن عامينِ خمسينَ ميتةً
و تبقى على قيدِ الحياةِ مقاصِدُه
.
و تبقى المنافي بين عطفيهِ موطنا
تقرِّعُ أوطاناً و ليست تعاضِدُه
.
تدورُ رحى الأيامِ تطحنُ قلبَهُ
و يبقى وفيّاً للسرورِ يواعِدُه
.
تتالت على ذاكَ الفؤادِ مواجعٌ
كـ سدٍّ على نهرٍ كثيرٌ روافِدُه
.
و إنّ له نفساً تعالى طموحُها
و حظّاً عَثوراً كان دوماً يعانِدُه
.
يطاردُ حظّاً ما تبسّمَ ثغرُهُ
و يحلمُ يقظاناً بيومٍ يسانِدُه
.
يقلِّبُ في الدنيا بأوراقِ حظِّهِ
فيلقى نزيفاً فوقَ نَزفٍ يكابِدُه
.
سيبقى بأحزانٍ تَطاولَ عمرُها
و تُفرَشُ إن هلّت عليهِ موائِدُه
.
لكَ اللهُ يا بن الحزنِ إنّ قليلَهُ
يضجُّ بما عانى .. أإنّك والِدُه
.
.
باسل البلخي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق