تصارع الأضداد
--------------
بـيـن حـلـم الـرجا و إعـصار يـأسي
جـف عـودي و ابـيضَّ مـسودُّ رأسـي
قـصـفـت مـركـبـي الــريـاح ومــادت
بـشراعي الأمـواج فـي سـوء طـقس
عـنَّـسـتْ فـــي خــدورِهـا أمـنـيـاتي
وطـــوى غـصـنـها الـضـمـور لَـيـبسِ
مـــا لِـــدرِّ الـحـنين ضــرعٌ بـذكـرى
فـــي حـيـاتـي تــهـز أوتـــار نـفـسي
كــــــل ايــامــهــا شـــجـــون وغـــــم
مــالـهـا بـالـحـنـين قــــرع لــجَـرْس
أنـجـبـتي أمـــي ، ولــو بـاخـتياري..
لــم أفـد لـلوجود فـي ظـرف بـؤس
فــــــي مـــكــان آفـــاقــه قــانــيـاتٌ
وزمــــــان أيـــامــه بـــنــت نـــحــس
مـقـفـلات الـخـطـى دروبـــي أمــامـا
و ورائــــــي خـــنـــادق ذات بـــــأس
وجـمـيـع الـجـهـات حـولـيَ سِـيْـجَتْ
بــســوارٍ دونـــيْ لـمـنـعي وحـبـسـي
هــرمـت فـــي ســـن الـرضـاعة أيــا
مـي و عـمري انـتهى ضـريبة مـكس
وطــنـي فــيـك هـدنـي الـدهـر رزءا
وطـوى بـالمشيب فـي الـمهد رأسـي
شـاخ عـمري ولـم يزل فيك جرحي
فــي ربـيع الـشباب يـضحي ويـمسي
حـاكمتني الأجـداث فـيك لـنبضي
فـنـفتني مــا بـيـن نـعـشي و رِمـسي
يـخـجل الـحـاضر الـنطيح مـن الـما
ضــي حـياء والـيوم مـن ريـح أمـس
بـين حـاليك فـيهما الفرق مـثل الـ
فــرق بـيـن الـضحى وحـلكة غـلس
لا تـلـمني إن عـق وصـلك في الـدهـ
ر زمــانـي و انــسـاب فــيـك بـوكـس
بـسـمـة الــدهـر ذات نـــاب خــفـي
يـــتـــوارى بـــوخـــزةٍ ذاتِ خـــلــس
تــؤلــم الــجـسـم إنــمــا ذات نــفـع
مـثـلـمـا الــكـي يـقـتـضيه الـتـأسـي
هــكــذا عــــادة الــزمــان و هــــذي
حـالـه فــي الأيــام يـبكي و يـؤسي
و إذا اشــتــد حــالـك الـلـيـل لابـــد
إلـــى الـفـجر فــي الـنـهاية يـرسـي
أيـهـا الـمـهد لاحـتـضان بـني الإنـ
ســان طُــرًّا مــن كــل لــون و جـنس
أنـــت لـلـفـخر فـــي الـزمـان كـتـاب
مـــا لــكـفٍّ لـلـطـمس فــيـه بــمـس
***
لـيس لي بالحنينِ في الدهرِ ذكرى
تـطـفئ الـهـم مــن سـراديب نـفسي
غـــيــرُ مـــجــد آثــــاره. شــامـخـاتٌ
فـي يـقينِ الـوجود تُضحي و تُمسي
مـــــا رآى مــثـلَـهُ الــزمــانُ وجــــودا
فـي الـدنى قـطُّ أو رأت عـين شمس
ذكـريـاتي لـمـجد مـاضـي جـدودي
تــمـلا الــصـدر بـالـسـرور و تـؤسـي
فلنفسي من وحشة الحال في استذ
كــار مـجـد الـجـدود مـصـباح أنـس
وهْـي لـي في الوجود بشرى انبعاث
مـن جـديدٍ بـه غـدي سـوف يرسي
جـيـن مــن شَـيَدوا صـروحَ الـمعالي
فــي دمـائـي يـسـري وذاتـي وحـسي
كـــيــف لا أزدهـــــي إذاً و أبـــاهــي
مـلء فـخري. وهْـوَ الأسـاس لأسِّــــي *
واعـــتــزازي بـنـسـبـتـي لأصــولــي
كـاحـتقاري لـمـن يـريـدون بـخسي
والــذي فــي الـتـأريخ غــاب وجـودا
مـالـه فــي مـستقبل الـدهر كـرسي
ازدهــتــه الــنـارِ بـــداري اشـتـعـالا
فـانـثـنـى لـلإطـفـا بــزيـتٍ وفـــأسِ
يــمــنـيٌّ أنـــــا و مــــن رام مَــحْــوِي
ذابَ كـالـشـمع.تحت لـفـحةِ بـأسـي
عـبـسـة الـدهـر فــي وجــوه بـنـيهِ
إن قـــرأتَ الـتـأريـخ سـطـرٌ بـطُـرسِ **
...............
* الاس والأساس. معروف وخاصة عند اهل الرياضيات
** طرس : الطرس هو الكتاب
---------------------------
محمد صالح العبدلي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق