ودّعـتُ سلمى و اللهيبُ بخافقي
و تركتُ روحي و النُّهى بحِماها
لِلّه يا يومَ الفراقِ كم اشتكى
قلبي و جادت مقلتي ببكاها
ودعتها و القلب منفطرٌ لها
و النّفسُ عافت كلّ شيء سواها
كانت عيوني بالدموعِ غريقةً
و بدمعها فاضت أسىً عيناها
مدت يديها للوداع و دمعها
يهمي كغيثٍ أرسلتهُ سماها
عجبي كأنّ الحزنَ زاد جمالها
و الدّمعُ زيّن بالبريق بهاها
العينُ زادت بالدّموع نظارةً
و تورَّدت من حمرةٍ خدّاها
فبدت كبدرٍ في ربيعٍ حالمٍ
سبحانَ مَن سِحْر الجمالِ حباها
هاجت شجوني إذ سمعتُ نحيبَها
و سرى الأسى في مهجتي فكواها
عانقتها و لثمتُ بارقَ ثغرها
علّي أُهدئُ روعَها و جَواها
زاد الجوى وتناثرت دمعاتها
مثل اللآلئِ أشرقت بضياها
يا سعدَ دمعاً قد سقى وجَناتها
و به ارتوت و توّردت شفتاها
أخفيت حزني و الدّموعَ حبستها
علّي أخففُ من نشيجِ بكاها
عاهدتُها أن سوف تبقى في دمي
و أن لا أكون مولّهاً بسواها
أقسمتُ أن تبقى حبيبةَ مهجتي
و أعيش عمري حافظاً ذكراها
و كتمتُ ما بي و انطلقت مسافراً
و مراكبي قد غادرت مرساها
وقفت تناظرني و تلهمُ دمعها
و أكفّها مرفوعةً لسماها
الله يا ذاك المساء كــم اعترى
قلبي سحائبَ حزن لن أنساها
كفكفتُ دمعي بعدما طال المدى
و البينُ حالَ فما غدوتُ أراها
و حبستُ مابين الضلوع عواطفي
و عزمت أن لابدّ أن أنساها
يا ويحَ قلبي كيفَ ينسى ذكرها
و أيامَ أنسٍ في الصبا عشناها
كنّا عشياً كلّ يومٍ نلتقي
بين الكرومِ على أديمِ ثراها
لكنّها الأقدارُ حالت بيننا
و قضت ظروف العيش تركَ حماها
طالَ الغيابُ و غربتي صارت لظى
تكوي الضـلوعَ و مهجتي تصلاها
صارَ الحــنينُ لها يقضُّ مضاجعي
و القلب لا يقوى على سلواها
و عزفتُ عن دنيايَ حتى أنني
ما عدتُ أدري صبحها و مساها
ما زالت الأشواق تحرق أضلعي
و الرّوحُ كلّت و الأسى أضناها
العمر يجري و المنايا قد دنت
يا مـوتُ هل من مهلةٍ لأراها
ما همّني موتي و لكن همَّني
أني أموت وقد حُرمتُ لقاها
سيضل حزني جُوّ لحدي قائماً
يكوي عظامي طول عهد بقاها
إني بشوقٍ للحسابِ و يومهِ
علّي بيومِ الحَـشرِ قد ألقـاها
باللهِ إن شهدت مسيرَ جنازتي
قولوا لها إني قتيلُ هواها
و ضعوا رُفاتي في طريق حبيبتي
قلبي سيحيا تحت وقعِ خطاها
ليتَ الزّمانُ يعيدُ أياماً مضت
و نعود يا سلمى معاً نحياها
____________
يوسف العيسى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق