الثلاثاء، 12 ديسمبر 2017

الشاعر احمد الفرحاتي .. للقائها ظمآنُ

"للقائِها ظمآنُ"          جهادُ الحروفِ
                             أحمد الفرحاتي

النبع جفَّ… ففاضتِ الأحزانُ
كُسرَ اليراعُ وغامتِ الأجفانُ

مالَ الظلامُ على سراجِ هتافنا
لفظتْ حناجرَ بؤسنا الأكوانُ

سالتْ دموعٌ فوق سفحِ مدائنٍ
نسجتْ سجونَ النظمِ ذي الألحانُ

قامت جموعُ الأنسِ تنعي حظَّها
بلْ ويكأنَّ الذنبَ ذا الإنسانُ

الحرفُ فرَ وفي الفرارِ سلامةُ
وعلى خطى حرفي اليتيمِ لسانُ

ماذا أقولُ وما السبيلُ لمنطقي
خارتْ قوانا فالجميعُ جبانُ

ماذا أقول وليس يعرفُ كنهها
إلا الذي للقائها ظمآنُ

ماذا أقول وفي القوافي تهمتي
سهمي المصوبُ في العِدَى وسنانُ

ديوانُ شعري من أنينِ يراعتي
سئمَ الكتابة فاعتلاهُ هوانُ

قالوا فنظمك نصرة لهوانهِ
غزلتْ عريضةَ نظمكِ الأوطانُ

أَرْسِلْ قصيدًا يعتلي قممَ المنى
فالقدس حسناءٌ بنا ستصانُ

القدس أرملة تناجي ربها
هل ينتشي بدعائها الصبيانُ

القدس أم لليتامى همها
تبكي له الأقوامُ والنسوانُ

القدس ثكلى إذ تودعُ طفلها
يمضى النهارُ ولا تعود عَوانُ

قل ما تشا واملأ معينك من رُبا
هذي الحصونِ فنبعها بركانُ

من طينها خلقت خلايا أحرفٍ
لمَّا ذكرتَ القدسَ يا قرآنُ

دعني أطوِّف في الحنايا أستقي
بارودَ نظمٍ حدَّهُ الأركانُ

دعني أشيد بالقصيد سرادقي
لتَزِينَ أبياتِي بهِ الجدرانُ

دعني أعانق خدَها بمهابةٍ
مسرى النبي وزهرةٌ تزدانُ

دعني أغازل حسنها بيراعتي
فتميل من ذكري لها الأغصان

دعني أُسَائِلها ولست بسائلٍ
أحدًا سواها أيها الربانُ

هيَ حرفُ مدٍ لو أُطيلَ لما كفى
أن المعارضَ للسكونِ مدانُ

هيَ  قافُ قدسٍ والنقاطُ تزينها
فوق المآذن حُطمتْ أوثانُ

هيَ صادُ نصرٍ من صلاحَ تهزها
ألفٌ بقصرٍ مدُها عرفانُ

وهيَ البعيدة عن قلوبِ أحبةٍ
وهيَ  التي من قربها الألحانُ

أقصى وما الأقصى إذا الأقصى أتى
هبَّ النسيمُ تجمع الشجعانُ

أحيا بهم سبلَ التواجدِ في الدُّنا
من يبتغي سبلَ الخلود معانُ

مزن السما يحمي حماها من لدنْ
بدءِ الخليقةِ نجمها الفرسانُ

زهر المدائن من يريد قطافها
شلت يداه وصّمَّتِ الآذانُ

والتينُ والزيتونُ في جنباتها
قَسَمُ الإلهِ وروضها بستانُ

يا قدسُ إنكِ في الأطالس وجهتي
روحي فداك ومقصدي وجنانُ

يا قدس أرسم في هواك خرائطي
قلبي الشوارعُ موطني الميدانُ

يا قدسُ مالي والأسودُ بغابةٍ
ترعى يقود قطيعها الشيطانُ

يا قدسُ عذرًا طيب أرضك جنة
تبرٌ تجمع حولهُ الفئرانُ

يا قدسُ ما لي والغرابُ بضيعتي
تُحكى حكايا الزورِ والبهتانُ

يا قدسُ صبرًا سوف تُشعل أحرفي
ولسوف تُنسجُ في المدى الأكفانُ 

هذي النيازك سوف تسقط عاجلًا
ولسوف يُحرق باللظى الجرذانُ

يا قدس إني ما نصرتُ بأحرفي
إلا الذي بين الأنامِ مدانُ

أنا ما مدحتك لو أردت سأمتطي
جيد السماءِ وما احتواهُ مكانُ

صبرا فلسطيني فتلك هويتي
وعروبتي قدسٌ بها أزدانُ

فتوشحت عمد الجنانِ صحائفي
فتسَّاقَطَتْ بوشاحها التيجانُ

زانتْ رؤسَ العازفينِ بلحنها
فتراقصت بردائها الألوانُ

طافت بقبر البائعين دمائهم
حتى تعود القدسُ والأركان

قم يا صلاح الدين واهتف بالندا
فالبحر هاج وماجت الشطآنُ

سيل الدموع على المنابرِ في العلا
بلغ الزبى فاستُعمرَ الوجدانُ

والنبع عادَ  إلى قديم مرَامِهِ
وعلى الجوار تراقص التحنانُ

فاضتْ على مدن العروبة مذ أتتْ
رباتُ شعرٍ هذه الألحانُ

لبيك يا أقصى ولبتَ أحرفي
تحيا قوافي الشعرِ والأوزانُ

الأحد ١١ ديسمبر ٢٠١٧
#أحمد_الفرحاتي

ليست هناك تعليقات:

ملاك حماد تكتب ... نقطة البداية

لِنتحدث بالعامية هذه مرة علّنا نلامس القلوب 🤍 أحياناً ما بنعرف نقطة البداية بكتير أمور بس نقطة بدايتنا إحنا شخصياً قصة كاملة أو منعطف ما بع...