طفل لم يكبر
أسموكِ ظلماً يا بلادُ بــــــــــلادي
بهويّةٍ لا غيرَ , دون سَــــــــــدادِ
أنا طفلكِ المفطومُ رغم إرادتي
بعتِ الحليب لمشـــــترٍ بمـــــزادِ
وأبحتِ صدركِ للغريبِ ليرتــــوي
وحرمتِني من دفئكِ الوقّـــــــادِ
فحملتُ وجهكِ في الفؤاد , لعلّه
يُشفى بوجهكِ لو حننتُ فؤادي
وغرستُ حبَّكِ في الضلوع أضمّه
غـــــــالِ عليَّ كدميــــــة الأولادِ
وعلى شفاهي من حليبكِ قطرةٌ
لتظــــلّ في كلّ المنــافي زادي
أشتاق حضنَكِ , كي أنام بدفئــه
أشتاق صوتكِ مثل طيــــرٍ شادِ
وأصابعاً تلهــــــو بشعري , علّني
أغفو قليلاً , بعد طول سهـــــادِ
ورغيفَ خبزٍ في الصباح , مضمّخاً
بعبير ثوبكِ , هل أنال مُـــرادي؟
ما زلتُ أحلم أن أضمّكِ ليـــــلةً
أهذي بطيفكِ , كالشّقيّ أنــــادي
يا جنّة الرحمن كيف طردتِني ؟
ورميتِ لي بشهادة الميــــــــلادِ
.
أنكرتِني لمّا صرختُ بوجـــه من
باعـــوكِ كالثكلى إلى قــــــوّادِ
ما زال صوتي كالرياح مزمجراً
لم يستكنْ لمخالب الجـــــــــلّادِ
حتى إذا قطعوا اللسانَ , فإنّ لي
قلماً يصيح مضرّجاً بمدادي
سأظلّ صوتكِ , رغم كلّ مواجعي
فأنا خُلِقتُ لكي أكون الفادي
وقصيدتي العنقاء , ليس يُميتها
حرْقٌ , وتنهض من نسيس رمادِ
يا ربّة الأمجاد شوقي قاتــلٌ
وحنين روحي للسما , والوادي
ما زلتُ طفلاً ليس يكبر , طالمــا
أنّي بمائكِ ما ارتويتُ , وصادِ
سأعود لو جسداً يكفّنه الظمـــا
إلّا بصدركِ لا يطيب. رقادي
من لي سواكِ ؟ وأنتِ كعبة خافقي
لو ملّكوني الكون , دمتِ سعادي
روحي فدى عينيكِ يا أغلى الدُّنى
تبقين فاتنتي , فأنتِ بلادي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق