الخميس، 23 أبريل 2020

الشاعر ياسر فايز المحمد .. على سجادة الذكرى

على سُجَّادَةِ الذِّكرى...

على سُجَّادة الذِّكرى
حَبا قَلبي
يُوَشْوِشِهُ
هَديلُ حَمائِمٍ ثَكلى
و طَيْفُ أبٍ
على أضلاعِهِ سَكَنَتْ
قَوافلُ مِنْ عَبيرِ الوُدِّ و التَّقوى
يَقيناً
ساكناً بِدَمي
مَدى الأيَّّامِ لا يبلى
فأمسى فَرطَ لهْفَتِهِ
فَطيماً مُخْمَلِيِّ الحُلْمِ يَرْنو مِلءَ صَبوتِهِ
لِكَفِّ مِنْ حَريرِ الرُّوحِ قدْ حِيكَتْ مَلامِحُها
فيَغْرَقُ في تَفاصيلِ الحِكاياتِ العَتيقةِ و الخَيالْ
يُضيعُ النَّبضَ في
شَجَرِ الحَنينِ لِوجهِ أمٍّ
دَثَّرَتْ أحزانَها
و استودعَتْ كَبواتِها
و أَنينَها المخبوءَ في كَهْفِ اصطِبارٍ
كَمْ تعَوَّدَ أنْ
يَلُمَّ اللُّغزَ عنْ
شَغَفِ الحَقيقةِ لاغتيالاتِ الرُّؤى
في رَوْعِ والهةٍ
تُمَنِّي النَّفسَ أنْ ينمو
نخيلُ الوصْلِ
في غُُرَفِ المُحالْ
فَتَقطِفُ حُزنَها الغافي
عَلى أترُجِّ سُبْحَتِها
عناقيداً مِنَ النَّجوى
تُحيلُ القَفرَ صَفصافاً
و زَيتوناً
و لَيْموناً
وَظِلَّ حِكايةٍ نَشوى
بِخَمرِ دُموعٍ داليةٍ
إلى حَبَّاتِ عَسْجَدِها
يَحُجُّ النَّحلُ مَفتوناً
و يرشُفُ شُهدَها جُمَلاً
مِنَ التأويلِ تُذكي الجَمرَ في شَفةِ السُّؤالْ

تُعيرُ  الوَقتََ أَشْواقاً
و لهفَةَ جَرَّةٍ عَطشى
لِقلْبٍ وارفِ المَعنى
عَميقِ الغَوصِ في
سَغَبِ المَشاعرِ لانعتاقاتٍ
إلى أنْداءِ زَنْبَقةٍ
تُساقي لَوعةَ النَّارَنْجِ في وَطَنٍ
أماطَ الخَدَّ عَنْ وَجَعِ  التِّلالْ

***    ***
عَلى سُجَّادةِ الذِّكرى
يَنامُ العُمْرُ مَحْفوفاً
بِجَيشٍ منْ قَتادِ الصَّبرِ يَحْثو غَيْمَةً حُبلى
بِمِلْحٍ مِنْ فُيوضِ الدَّمعِ
تَبكي نَعْشَ مَنْ ذُبِحوا
بِسَيفِ الصَّمتِ و الخِذلانِْ
ما هانُوا
ولا انطفَؤوا
و ظَلُّوا في فَراغِ البالِ عُصفوراً
يُحلِّقُ في مدى روحي
أماناً يَسكُنُ الماضي
فَأَنعتقُ
وَ حِرْزاً يَحرٌسُ الآتي
فأنطلقُ
وَ أَجْبُرُ ضِلعِيَ المكسورَ من ريحِ النَّوى
قِدَداً
و أَبْني  مِنْ تشَظِّيهِ  
صُروحَ اللَّحنِ  في
بالِ الرَّبابَةِ حين يَعْدو
الرَّملُِ خَلفَ المَوجِ مَغشِيّاً
بِدُمْيةِ طِفْلةٍ سَكَنَتْ
أقاصي الحُلمِ ما
فوقَ القَصيدةٍ ترسُمُ الدُّنيا
كُروماً مِنْ  جَمالْ

***   ***

على سُجَّادةِ الذِّكرى
يَمرُّ العمْرُ مُتَّكِئاً  
على عُكَّازِ مَنْ عَبَروا 
و مازالوا
بِأُذنِ الرِّيحِ أغنيةً
مَداها يَلمَسُ الضَّوءَ المعمَّدَ بالشُّموسِ
و بالبدورِ
وَ سُهْدِ نَجْمٍ لمْ يَزَلْ
يَرنو لحُزنِ الأرضِ في
مُقَلِ العَصافيرِ البَدَتْ
تَنداحُ أكفاناً
و أشرعَةً
وَ كَوْماً
منْ حَصادِ المَوتِ 
في عُهْرِ القواميسِ التِّي
بِخَلاعَةِ الكلماتِ تُعُلي
فَوقَ هامَتِنا
حُظوظَ التَّافِهِ المَنصوبِ
  و المَجرورِ في
لُغةِ الدَّراويشِ التِّي
تَنْسابُ أُحجِيَةً
على ذَهبِ السَّنابلْ
شُجوناً
تُغْدِقُ الأَموالَ في
كَفٍّ
تُخاتلُ عَنْ عُيونِ الحَقلِ
آلافَ المناجِلْ
وَ تُطفِئُ في ضميرِ الطِّينِ أَنوارَ المَشاعِلْ
و ْتَلْقَفُ ماتَبقَّى مِنْ
بَقايا القُوتِ في قَعرِ السِّلالْ

***   ****

على سُجَّادَةِ الذِّكرى
أَحِنُّ لظَبيةٍ أُنثى
رَعَتْ أعشابَ شِرياني
و مازالتْ
تُهنْدِسُ نَبضَ وِجداني
أقاليماً
مِنَ القَرميدِ و المَرمَرْ
وتُنبِتُ مِنْ مَساماتي
رَغيفَ الزَّيْتِ و الزَّعْتَرْ
تُشارِكُني انكساراتي
فأشمَخُ فوقَ قُرصِ الشَّمسِ
أُقْرِضُها
فوانيساً
لعتمِ الليلِ كَيْ يرحلْ
و تَرْفو صَهْلَ آهاتي
فيزهو في دمي وترٌ
يُغَني رِحلةَ الأقصى
وَ داحي البابِ في خَيْبَرْ
فأعْبُرُ نَحْوَ نَرْجِسِها
نَصوغُ الدَّربَ  إِنْساناً
لِجيلٍ هَمُّهُ وَطَنٌ
يَخافُ عَليْهِ أنْ يَعرى
وَ أنْ يَشقى
و أَنْ يُقْهَرْ
فَإِِمَّا هَزَّهُ وجَعٌ
و مَوجُ الشَّتِّ أَرَّقَهُ
فَألوى صَبرَ قاربِهِ
يعودُ فيَجعَلُ المَرسى
على سُجَّادةِ الذِّكرى
***   ***    ***
ياسر فايز المحمد-سورية-حماة

ليست هناك تعليقات:

ملاك حماد تكتب ... نقطة البداية

لِنتحدث بالعامية هذه مرة علّنا نلامس القلوب 🤍 أحياناً ما بنعرف نقطة البداية بكتير أمور بس نقطة بدايتنا إحنا شخصياً قصة كاملة أو منعطف ما بع...