أطفالٌ تحت أشجارِ الزّيتونِ يسكنونَ
شعر: أحمد عبد الرحمن جنيدو
قلْ للعصافيرِ الحزينةِ: إنَّني
عشٌّ كبيرٌ، والحنينُ منازلُ.
اخبرْ خيامَ الذُّلِّ عن أحلامِنا،
إنْ عشتُ أصبحُ نافعاً، سأقاتلُ.
فالموتُ يحكمًني، يقيِّدُ أرجلي،
ويحاصرُ الأطفالَ لو نتطاولُ.
تلكَ الحياةُ رخيصةٌ جدّاً على
حلمٍ يُمزِّقُهُ حقيرٌ سافلُ.
قلْ: بالشُّجيراتِ الصَّغيرةِ أحتمي،
تحتَ الغصونِ، ولو ضميرُكَ غافلُ.
قلبي بلادٌ تحفظُ الأسرارَ في
جيبِ المحبَّةِ، ما يزالُ يغازلُ.
يبني قصورَ الحبِّ في أضلاعِهِ
من دمعِهِ يهدي الحنانَ، يُراسلُ.
الرُّوحُ تحتضنُ الحكايةَ نبضةً،
ذكرى تعودُ، وغصَّةً تتفاءلُ.
وعناقُها المجروحُ يحكي لوعةً،
عن ضحكةٍ بينَ الدُّموعِ تقاتلُ.
أسماؤنا منسيِّةٌ في بقعةٍ،
تروي فصولاً للحياةِ تزاولُ.
غنِّي معي إنَّ الحروبَ بعيدةٌ،
زدْ بالغناءِ لعلَّنا نتواصلُ.
الحبُّ مازالَ المخلَّدَ بيننا،
وحديثُهُ في الشُّوقِ عادَ، يُداولُ.
ضعْ في يدي تذكارَ أمِّي قبلةً،
قدْ تُستمدَّ من الرَّمادِ مشاعلُ.
قلْ للعصافيرِ المسافرةِ المدى:
إنَّ الفضاءَ معَ الرَّحيلِ معاقلُ.
قلبي يحنُّ ومثلُكمْ من يُهتدى
نزفُ المشاعرِ في الجَّفافِ جداولُ.
ما غرَّكمْ في البعدِ سحرُ مخادعٍ،
إنَّ النَّقاوةَ في الأصيلِ دلائلُ.
هذا أنا وطنُ الدِّماءِ معذَّبٌ،
جرحُ الشَّآمِ إلى الوضيعِ تجاهلُ.
باعوا التُّرابَ وظنَّهمْ من أثمروا،
خسرتْ تجارتُهمْ، وضاعَ مقابلُ.
فهُنا الحقيقةُ في العراءِ عريَّةٌ،
بعيونِ طفلٍ لو تساءلَ سائلُ.
الجُّوعُ يحفرُ في البطونِ مقابراً،
وعلى حدودِ الموتِ يحكمُ جاهلُ.
الكفرُ باللهِ العظيمِ كبائرٌ،
والكفرُ بالعيشِ المرير نوافلُ.
سأُحيكُ من غصنِ النَّخيلِ سواعداً،
وأهزُّ جذعاً، والرَّطيبُ خمائلُ.
يتساقطُ الخيرُ المحلَّى جرعةً،
محرابُنا رزقٌ، ورزقُكَ كاملُ.
هذا العراءُ حصانةٌ من خالقٍ،
القوتُ مسألةٌ وربُّكَ كافلُ.
فنلوذُ في رحمِ العقورِ مآثراً،
يلدُ الزَّمانُ، يفورُ بورٌ قاحلُ.
من أطعمَ المبلوعَ في بطنٍ كفى
عبَّادَهُ، والصَّابرونَ قلائلُ.
من أخرجَ الطِّفلَ الصَّغيرَ بقادرٍ
ويغيِّرَ الأحوالَ يحكمُ واجلُ.
فإرادةُ اللهِ العظيمِ حكيمةٌ،
والنَّصرُ صبرُ هنيهةٍ فالآجلُ.
يتكوَّرُ الجُّرحُ الثخينُ بأضلعٍ،
وتمورُ في وضحِ النَّهارِ قبائلُ.
يردي الحقيقةَ ألفُ معنىً كاذبٍ،
وبطمرِها قدْ صالَ جالَ السَّافلُ.
ونموتُ جوعاً للتَّحيَّةِ صاحبٌ،
والموتُ صارَ ملازماً يتواصلُ.
أنا هاربٌ من ظلِّنا في ظلِّهِ،
بعدي أرى، وأمام عينيْ آفلُ.
قدْ علَّمتْني محنتي إن أثقلتْ،
أحيتْ بجوفِ القمعِ ما يتضاءلُ.
أقسمتُ بالشَّامِ العتيقة إنَّني
مازلتُ أحلمُ، والعناءُ رسائلُ.
كبِّرْ، وجلجلْ، فالمصيرُ دماؤنا،
من بينِ حبَّاتِ التُّرابِ نُبادلُ.
يتوالدونَ هنا مصائرَ أمَّةٍ،
عنْ ضمِّ أسرابِ الجِّياعِ تخاذلوا.
فشجيرةُ الزِّيتونِ تحمي مكَّةً،
من غدرِ فرسٍ، والمصيبةُ جاهلُ.
سيبيعُ أرضي للغزاةِ، ويكتفي
بالقولِ أنِّي ثائرٌ ومناضلُ.
ويتاجرُ الممحونُ بالدَّمِ خلسةً،
وينافقُ الأعرابُ، والفمُ قاتلُ.
3/8/2019
شعر: أحمد عبد الرحمن جنيدو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق