((... هجيجٌ...))
في قريةٍ منْ قرى الأريافِ حالمةٍ
بالخصبِ يأتي إليها بعدَ هجرانِ
و تلتقي بعدَ أعوامٍ ثمانيةٍ
سحائبُ الخيرِ يوماً كلَّ عطشانِ
قدْ غادرتها طيورُ الحبِّ معلنةً
أنَّ القلوبَ جميعاً رهنُ أوطانِ
و عشَّشَ البومُ بعدَ الهجرٍ مفتخراً
و استوطنتْ بعدهُ أسرابُ غربانِ
يا قريةً، ما درتْ، أبناؤها رحلوا،
أنَّ الذي غادرتهُ الأمسِ عنواني
جاراتكِ الآنَ في عزٍّ و في ترفٍ
و أنتِ وحدكِِ في نقصٍ و حرمانِ
و للسواقي خريرٌ باتَ مسمعهُ
منْ ذكرياتِ سنينٍ قيدَ نسيانِ
للسروِ فيها حكاياتٌ مؤجلةٌ
و لليمامةِ عشٌّ ما لهُ بانِ
للغولُ ما زالَ حيّاً في حكايتها
حتّى توالدَ منهُ سربُ غيلانِ
و للسهولِ ترابٌ باتَ ملمسهُ
كما تلامسَ بركانٌ ببركانِ
و للطعامِ بها صوتٌ نصكُّ بهِ
كأنهُ صنجةٌ أو جرشُ صوانِ
للهِ أشكو و هلْ شكوايَ مرجعةٌ
ما حلَّ بالأرضِ منْ هجرٍ و أشجانِ
كأنّني و فمي سدّتْ به حجرٌ
بلا عيونٍ و لا أنفٍ و آذانِ
قدْ حاصرتني جموعُ الهمِّ أجمعها
و عشتُ فيها حبيساً بينَ جدرانِ
يا قريةً لمْ تعدْ إلّا بذاكرتي
يكفيكِ أنكِ في نبضي و شرياني
عبدالرزاق الأشقر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق