طَرَقتُ على فُحُولِ الشِّعرِ بابا
فأطرَقَ بَعدَما نَفَثَ التُّرابا
وأصدَرَ مِن مَفاصِلِهِ أنِيناً
كَصَوتِ الهِرِّ إن أبدَى ارتِيابا
تَصَنَّعتُ الرَّصانَةَ في نِدائِي
فَجاوَبَنِي الصَّدَى مِن ثَمَّ غابا
رَفَعتُ الصَّوتَ هَل في الحَيِّ حَيٌّ
يُحاوِرُنِي فَلَم أجِدِ الجَوابا
رَكَلتُ البابَ بالأقدامِ حَتَّى
تَداعَى مِن مُناجاتِي وذابا
وفاجأنِي بأنَّ القَومَ ماتُوا
وقَد زَهِدُوا الكُهُولَةَ والشَّبابا
وفاضُوا مِن زُهورِ الأرضِ عِطراً
وما سَكَنُوا المَدافِنَ والخَرابا
سَألتُ اللهَ إحياءَ المَعَرِّي
ورَبُّ العَرشِ في الرُّؤيا استَجابا
فقُلتُ لَهُ أجِبْ مَغمُورَ حَرفٍ
أيا مَن جُبتَ بالضَّادِ الرِّحابا
هَلِ الأشعارُ تَرقَى أم سَتَشقَى
إذا ارتُكِبَت قَوافِيها ارتِكابا
وهَل يُشجِي إذا اجتَهَدَ الكَنارِي
وقَلَّدَ في تَناغُمِهِ الغُرابا
هَلِ الإلهامُ للشُعَراءِ وَحيٌ
كَما زَعَمُوا وهَل مَلَكُوا كِتابا
أمِ الشُّعَراءُ في نَظمِ القَوافي
يُقاسُونَ المَتاعِبَ والصِّعابا
فَجاوَبَنِي كَمَن سَهِرَ الليالي
وقَد أجرَى على الفَيسِ الحِسابا
أرَى أنَّ القَصائِدَ عارِياتٌ
كَمَن فَقَدَت مِنَ الفَقرِ الثِّيابا
ولَكِنْ انتَ أنتَ بِلا مِراءٍ
حَمَلتَ الحَرفَ واجتَزتَ السَّحابا
ومَن غَيرُ المَعَرَّةِ سَوفَ تُلقِي
لِهَذا القَشِّ فارِسَها ثِقابا
فَرِحتُ بِما سَمِعتُ ولا أُبالي
أظَلَّ الشَّيخُ أم قَصَدَ الذَّهابا
وقُمتُ مِنَ المَنامِ فَكانَ حالي
كظَمآنٍ وقَد شَرِبَ السَّرابا
فإنَّ الحَرفَ إمَّا مَحضُ نَظمٍ
وإمَّا جُرحُ تاريخٍ تَصابَى
سِهامُ الشِّعرِ آلافٌ تَوالَت
وسَهمٌ واحِدٌ مِنهُم أصابا
.......
عبد العزيز الصوراني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق