عالَم خمس نجوم
_________________
كذبٌ على كذبٍ و كلٌّ يكذب
حتى ادّعى فينا التنسكَ ثعلب
والكلبُ قال بأنه أسدُ الشرى
و أنا الغضنفر قال ذاك الأرنب
والصِّلُّ قال بأن سمَّه بلسمٌ
و بمثل ما قد جاء جاء العقربُ
والعيُّ قال أنا فصيحُ زمانه
و مهمتي فوق المنابر أخطب
و النَّذلُ قال مكانتي فوق السُّهى
وأنا بأقطار السماء الكوكب
حتى الرَّغامُ و أنت تعرف قدره
إن جئت تسأله يقول مذهَّبُ
يعطيك درساً في الفصاحة باقلٌ
وبحسنِ صورته يباهي الأجرب
وكم ادَّعى صدقَ الحديث منافقٌ
والكذبُ منه على شفاهه يزربُ
و إذا سألت عن الفضيلة أسرة
فلسوف عنها الأم تشرح والأب
لكنّما الأولاد في بحر الرذيلة
أسرفوا ولهم يطيب المشرب
و إذا طلبت عن الشجاعة كاتباً
فالكلُّ عنها يستفيض ويكتب
لكن إذا نادى المنادي للوغى
فالكلُّ يغلقُ مسمعيه ويهرب
صفةُ الأمانةِ كلُّنا قد حازها
و لسوف عنها في الكتابة نسهب
وإذا بحثت ترى الأمانة ضُيِّعت
والشّرقُ عنها لاهثٌ والمغربُ
شعراؤنا في كلِّ وادٍ أسرفوا
و بحورهم طمَّت وجاد المركب
و إذا انتقدت كميَّهم لخطيئةٍ
ستراه من حنقٍ يثور و يغضب
أوَكيف تبخسُه و تدني قدره
وهو الجوادُ الألمعيُّ الأشهب
و إذا أشرتَ إلى الطهارة و الحيا
فالبكرُ ترفع رأسها والثَّيِّب
و إذا نظرت إلى التبرُّج والسفور
لدى النساء جموعهن سترسب
هو عالم للكِذب فيه مكانةٌ
مرموقة ولها يعزُّ المطلب
دجلٌ و غشٌّ والفسادُ جبلَّةٌ
زيفٌ و بُطلٌ خِسَّةٌ و تذبذبُ
لا تعجبوا إن فيه قد ساد الكذوب
و إن به وُجِد الصّدوقُ تعجّبوا
يُصغى إليه وليس يُنكرُ كِذبُه
فجميعُ من يُصغي أضلُّ و أكذب
بشرٌ يغرُّك رسمُهم و كلامهم
لكنهم عند التعامل أذؤب
ياعالم الدَّجل المعتَّق فلْتزُل
إني هلاكك عن قريب أرقب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق