عصفورتان
_____________
حُجُراتُ قلبي في البعادِ تفرّقت
و النبضُ عن نظم الحشاشة قد شطن
ووجيبه قد صار عزفَ شغافه
من بعدما في البعد كدّرَه الحزن
لا حزنَ يشبه لوعةَ القلب الذي
أمسى سجيناً عن مناجاةِ الوطن
أنّى لقلبٍ في البعادِ معذبٍ
أن يستعادَ الأمنُ فيه و السكن
مرت على قلبي صنوف مشقة
ما كان أقساها على قلبي المحن
خِرنا التغرب والنوى عن أرضنا
وعلى الذي يختار أن يعطي الثمن
وعلى تخوم الأرض شدنا عشنا
ولغيرنا فيه التنعم مرتهن
و فراخنا الزغب استفاقت فجأة
لترى سراباً كلَّ ما وعد الزمن
و رأت بأن العش هذا واهن
ولسوف تنخره الرطوبة والعفن
طارت و متنُ جناحها لما يزل
يشكو الهشاشة و البرودة و الوهن
ونشيدُها العذب استحالَ طلاسماً
أو همهماتٍ قد طغى فيها الشَّجن
و زهورَنا كلُّ الفيافي استقطبت
من بعد ما قد كان يجمعها فنن
وعبيرُها قد ضاع في الأرجاء ما
قد عاد يدحرُ في المدى ذاك النتن
ثوب التغرب ليس يدفع قيظ حرٍّ
أو يقي برداً وليس بمؤتمن
لكن به صبر الفتى و ثباتُه
إذ يصطلي حرَّ النَّوائب يُمتحن
عصفورتان عن الحمى قد طارتا
من بعد فرخٍ بُعدهم قلبي فتن
عُشّي تشظّى مثل قلبي و الزّمان
بكدرة الأيامِ والدُّكنِ ادَّهن
والدَّهرُ أفلتَ من يديَّ زمامَه
وقد استعاد بقوة مني الرسن
أنّى سأجمع كل أفراخي و قد
صاروا شتاتاً في عمانٍ أو عدن
هل يستقرُّ العشُّ فوق الغصن إن
ريحُ التغرُّب والنّوى فينا ركن
سنعود نبني عشنا في دوحنا
بمشيئة المولى الكريم إذا أذن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق