الشاعر بومدين جلالي . ساعة في عين المهبولة

سَاعَةٌ فِي عَيْنِ المَهبُولـَة...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تقديم : سَاعَةٌ فِي عَيْنِ المَهبُولـَة : قصيدة دالية من زمن الشباب البعيد ... بحرها الكامل، جاءت في  51 بيتا ... و"المهبولة" هي نبْع مائي فرات رقراق كان في الأصل بحيرة رائعة قبل أن يردمها الاستعمار الفرنسي البغيض، تعود تسميتها إلى امرأة هامشية كانت تجلس بجانبها في غابر التاريخ ... كانت هذه العين وستبقى من المعالم الرمزية المرتبطة بوجدان أهل مسقط رأسي مدينة البَيَّض بالسهوب الغربية الجزائرية، وذلك برغم ما أصابها من إهمال ... وهي مستثمرة بقوة في المخيال الشعري الفصيح والشعبي من مبدعي المدينة في أجيالهم المتعاقبة ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. جَلـَـسَتْ فـَـتـَـــاتِي وَالمِـيَـــاهُ زَغـَــارِدُ
فـَـــإذا الهَـــوَى مِــنْ وَحْيِـيـهَا مُتـَصَاعِدُ
2. يَـــا لـَهْــفـَـتـِي وَأنـَـــا أمُـــوتُ مُـبَــدّدًا 
فِــي عِشـْـقِــهَـا، دُنـْيـَايَ صَهْــدٌ سَـائِـــدُ
3. أأذُوبُ فِـــي أسْطـُـــورَةٍ مَهْــبُـــولـَـــةٍ
أمْ فِــي شـَـذى الشـَّـفـَـتـَيْنِ وَهْوَ يُرَاوِدُ؟؟
4. فِـــي هَـــذِه عــبـــقٌ صَفـَا وَعُـذوبَـة،
وَحِكـَــايَــــتِــي فِــيــهَـا هُـيَــامٌ شـَارِدُ!!
5. وَالسِّحْــرُ فِــي العَـيْـنـَـيْنِ وَهْجٌ نـَابِضٌ
حَــتــَّى تـَـغـَـشـَّــانِــي غـَـــرَامٌ رَاعِــــدُ
6. تـَــاهَ الفـُـــؤادُ فـَـــمَـا عَـلِمْـتُ بُعَـيْدَهَا:
هَـــلْ جُــنَّ قـَـلـْـبِــي أمْ لـَعَـلـَّـي رَاقِـدُ؟!
7. عَــادَتْ مِــيَـــاهُ بُحَـيْــرَتِي كـَعُهُـودِهَا.
هَــــذا رَبــِيـــــعٌ، ذا سَخـَـــــاءٌ زَائِــــدُ!
8. بَـيْــنَ المَــــوْجِ غـَـزَالـَـــة وَفـَـرَاشـَــة
وَسِــوَاهُـمَـا - فِي الدَّهْــرِ- جَوْقٌ نـَاشِدُ!
9. أشْجَـــارُهَا خـَضْــرَاءُ، وَالأضْوَاءُ فِي
رَحِــمِ السَّمَــــاءِ مَــزِيـجُـهَـا مُـتـَـعَـاقِـدُ!
10. فِــيــهَـا شـُـجُــونٌ تـَـجْـذِبُ الأذْوَاقَ إنْ
غـَابَــتْ حَـــوَاسٌ أوْ تـَـطـَــاوَلَ مَــارِدٌ!
11. فِــيــهَـا عَـبـِيــــرٌ وَالــوُرُودُ رَقـُـوصَة
مِــنْ نـَسْمَــةٍ عُــزِفـَـتْ فـَـقـَــامَ البَــائِـدُ!
12. وَأنـَــا أسِيـــرُ مَـعَ الفـَـتـَاةِ عَلـَى نـَـدَى
كـَـدُمُــــوعِ صِــدْقٍ هَـــامَ فِـيــهَا عَابـِدُ!
13. بـِلـَـطـــَافـَةٍ كـَــانـَـتْ خـُطـَاهَـا تـُحْفـَة،
إنْ مَسَّــتِ الأزْهَــــار تـَــابَ الجَــاحِـدُ!
14. وَإذا تـَـبَـسَّــمَ سَعْـيُـهَـا طـَــارَ الصَّدَى
فِــي رَجـْـفـَــةٍ تـَجْـتــــَاحُـنِــي فـَأكـَابـِدُ!
15. مِنْ وَجْنـَـتـَـيْهَا أقـْطِـفُ الأشـْعَــارَ فِي
سِتـْـــرٍ، وَعِشْــــقِي رَاكِـــعٌ بَلْ سَــاجِدُ!
16. وَعَلـَى ضِفـَافِ المَـــاءِ تـَجْلِسُ لـَحْظـَة
كـَعَـــرُوسِ بَحـْــرٍ تـَــاهَ فِــيـهَا الرَّاشِـدُ!
17. دَاعَـبْـتـُهَـا فـَـتـَمَـايَلـَتْ ثـُـمَّ اخـْـتـَـفـَتْ،
مِــنْ حِـيــنـَهَـا، غـَـرِقَ الـرَّذاذ البَــارِدُ!
18. مَــا قـُلـْتُ شـَـيْئـًا، مَا بَكـَـيْتُ، وَمَا دَنـَا
مـِنــِّـي سـعَـــارٌ أوْ سُــلـُـــوكٌ حَــاقِـــدُ!
19. وَقـَـضَـيْــتُ دَهْـرِي عَاشِقـًا مَهْبُولـَـتِي
وَأرَاقِــــبُ الأيـَّــــامَ كـَـيـْــفَ تـُـعَــانِــدُ!
20. فـَعـَـلِمْـتُ أنَّ العَــاشِــقَ الوَلـْهَــــان لاَ
يَـــزِنُ الكـَــوَارِثَ، وَهِـــيَ أمْــرٌ وَارِدُ!
21. وَإذا بـِصَــاحِـبَـتِـي تـَـقـُــولُ صَرَاحَة،
وَهِـــيَ اللـَّطـَــافـَــة بـِالهُـــدُوءِ تـُسَاعِدُ:
22. "مَـالِي أرَاكَ سَحَــابَــة لا تـَـنـْــتـَـهِي؟
مَــالِي أرَى الأحْــــزَانَ فِـيــكَ تـُجَاهِـدُ؟
23. أتـُحِـبُّـنِـي أمْ ذبـْــتَ فِـي عَـيْنِ الهَوَى،
وَأنـَــا هُــنـَا طـَـيْــرٌ رَمَــــاهُ الصَّــائِدُ؟"
24. " لا. لا تـَغـَارِي - قُلتُ- إنَّ هَوَاكِ فِي
صَـدْرِي شـُـــرُوقٌ يَــزْدَهِــي، وَمَحَـامِدُ
25. اَلعـَـيْـنُ أنـْتِ، وَأنـْتِ وَحـْيُ بُحَـيْرَتِي،
كِـلـْـتـَـاكـُـمَـا حُـبـِّـي، وَقـَـلـْـبـِي صَـامـِدُ
26. كِلـْتـَاكـُمَا سَتـَـغِيبُ عَنْ بَصَرِي سُدًى.
هَـــذا الــذِي دَوْمـًـا أرَى  وَأشـَــاهِـــدُ."
27. سَكـَـتـَـتْ وَدَمْعَـتـُـهَـا تـَـذوبُ بـِعَـيْنِهَا،
ثـُـــمَّ احْـتــَـسَـتْ مَــــاءً يَـقِـي وَيُسَــانِــدُ
28. وَتـَـسَــامَـرَ القـَـلـْبَانِ بَعْضَ الوَقـْتِ فِي
لـَـيْــــلٍ أنِـيــــقٍ بَـــــدْرُهُ مُـتـَـبَــــاعِــــدُ
29. نـَحْــوَ الشـَّمَــالِ يَسِـيــرُ وَالدُّنـْـيَا دُجًى
كـَغـَـــدِي إذا غـَـــابَ الحَـبـِيــبُ العَـائِـدُ
30. سَـنـَــة تـَطـُـــولُ وَلـَــوْعَـتِـــي دَوَّامَة،
وَالـيَــــوْمَ هَـــا هِـيَ... وَالتـَّـدَانِي وَاعِـدُ
31. وَلِقـَـــاؤنـَا. أهُــوَ البـِدَايَــة أمْ هُوَ الـْ...
بَلـْــوَى تـُزَلـْزِلُ عِـشْـقـَـنـَا وَتـُـطـَـارِدُ؟؟
32. ذاتُ الخِمَــــارِ إذا بَكـَـتْ يَـنـْـتـَـابُــنـِي
هَـــمُّ الــوُجُـــودِ، كـَأنـَّـنِـــي مُـتـَـقـَاعِــدُ
33. وَإذا تـَـبَـسَّــمَ وَجْـهُــهَـا يَـجـْـتــَـاحُـنِـي
صَخـَـبٌ خـَجُـــولٌ مِـنْ رِضَاهَا صَاعِـدُ
34. عِشـْـرُون عَــامـًا وَالحَدِيـــثُ سَلاسَةٌ؛
عَـجَـبٌ وَتـَـنـْـغـِـيــمٌ فـَـتـَــاتِي النـَّـاهِــدُ!
35. تـَخـْـشَى السُّفـُـورَ، أنِيقـَـةٌ، مِنْ وَجْهِهَا
هَــذا طـَــرِيـــحٌ، ذا لـَـــظـًى، ذا حَـاسِـدُ
36. وَأنــَا - حِمَـايَـتـُهَـا- أمُــوتُ تـَـنـَـسُّكــًا
فِـــي حُـبَّــهـَا؛ وَالنـَّـــأيُ جُـــرْحٌ خـَالِــدُ
37. ذهَـبَـتْ فـَـتـَـاتِي وَانـْـتـَهَى عَصْرٌ سَمَا
وَدَنـَــا شـَـتـَـــاتٌ لِلـضَّـيَــــاعِ مُـسَـاعِــدُ
38. وَتـَـغـَـيَّــرَتْ مَهْـبُـــولـَـتِي مِنْ خـُـلـْوَةٍ
تـَـزْهُــو، إلـَـى مَــا يَشـْـتـَـهـِـيـهِ القـَاعِـدُ
39. حُمْــقُ الحَيَــــاةِ شـَـرَاسَــة وَتـَـغـَـيُّــرٌ.
يَــا لـَـيْـتـَـنِــي.. إنـِّي لِـغـُـبْـنِــي سَــارِدُ!
40. ذابَــتْ مُـقـَــاوَمَـتِــي فـَلا أدْرِي مَـتـَى
تـَحْلـُــو السَّمَــاءُ وَيَـسْـتـَـقِـيــمُ الرَّافـِدُ!؟
41. وَخـــَرَجْــتُ مِنْ ذاتِي حُطـَامًا تـَـائِهـًا،
جـِـسْـمِـي عَـلِـيــــلٌ وَالفـُــؤادُ يُـكـَـابــــِدُ
42. وَالــرُّوحُ... يَــا أهْـــوَالـَهَا مِـنْ غـُرْبَةٍ
سَـــــــوْدَاءَ دَاكِــنـَـــةٍ أذاهـَــا رَاكِــــــدُ!
43. غـَــابَ الدَّوَاءُ وَكـُــرْبَـتِـي دَوْمًا قـَذىً،
مَـــاذا أقـُــولُ وَقـَـدْ تـَـنـَاءَى الضَّامـِدُ؟؟
44. ألـَــمُ الحَيَــــاةِ قـَـلـِيــلـُــهُ مُسْتـَـنـْـزِفٌ،
وَإذا تـَكـَــاثـَـــرَ فـَــالتـَّهَــالـُـكُ قـَــاصِــدُ
45. إنــِّــي فـُـتـَـــاتٌ هُـشـِّـمَــتْ أشْـــلاؤهُ،
أيْــن النـَّجَـــاةُ وَكـُــلُّ حُـلـْــمٍ فـَـــاسِـدُ؟!
46. وَنـَـسِـيـــتُ تـِعْــدَادَ السِّنِـيــن صَرَاحَة
وَهِــــيَ الطـَّـوِيــلـَة وَالحَنِـيـــنُ مُطـَارِدُ
47. أمْسِي يُرَفرِفُ صَاخِبًا، هُوَ حَاضِرِي،
وَهَــوَى غـَـدِي، وَأنـَــا نـَـزِيفٌ غـَـــارِدُ
48. بـِالشـِّعـْــرِ أغـْـسِـلُ آهَـتِـي مُسْتـَـلـْهـِمًا
نـَغـــَمـًـا حَـزِيـنـًــا قـَـــدْ يَــرَاهُ الجَـامِــدُ
49. سَيـَـعِـيــشُ بَيـْـنَ النـَّـاسِ يَرْوِي هَمْسَهُ
- جَـهْـــرًا- وَلِـيــدٌ يَـــــافِـــعٌ وَالــوَالـــِدُ
50. تـَـــرْوِي حِكـَايَـتـَـهُ جَـمِـيــلاتُ الدًّنـَى
- أيْـضـًا- بـِأشـْـــوَاقِ هـَــــوَاهَـا وَاقــــِدُ
51. هِــيَ ذِي حَيَــاة العِشـْقِ دَوْمًا تـَـبْـتـَـلِي
أصْحَــابَـهَــا، وَالقـَـلـْـــبُ فِـيــهـَا وَاجـِدُ.
ـــــــــــــــــــــــ
بومدين جلالي.