شراعُ العمرِ أمعن في الغيابِ...
شراعُ العُمرِ أمعنَ في الغيابِ
على موجٍ بأحداقِ السَّرابِ
تَكَدَّسَ في جُفوني نَهرُ دمعٍ
وأمسى الحزنُ مُكْتَمِلَ النِّصابِ
فما لشواطئِ التِّرحالِ تبكي
وتهدي دمعَها مُقلَ السَّحابِ
وفيمَ حمائمُ للسِّلمِ صارتْ
سُيوفاً تعتلي قِممَ الرِّقابِ
فَراشُ الضَّوءِ أرهقهُ حنينٌ
لهمسِ البوحِ في زهرِ الهضابِ
وعُنقودٌ بداليةِ اشتهائي
قضى شوقاً لِأَيَّام الشبابِ
وروضُ الأهلِ قَدْ أمستْ يباباً
فوا حزَني على روضٍ يبابِ
قُصورٌ مِنْ عقيقٍ الدُّرِّ شِيدَتْ
أناخَتْ فوقَ أكوامِ الخرابِ
وأَهلُ الدَّارِ في حُزنٍ وقهرٍ
يُوارونَ الأَحبَّةَ في التُّرابِ
وقومُ الغِيِّ ديدنُهُمْ عجيبٌ
تداعَوْا نَحوَ شامي كالذُّبابِ
قُلوبٌ مِنْ حديدٍ قاسياتٌ
أَعارَتْ نايَ طيري للغُرابِ
فأمسى الطَّيرُ في وطني مهيضاً
ذبيحَ الشَّدوِ مسلوبَ الإهابِ
يُسافِرُ في فيافي الهجرِ قسراً
ويُكوى في سعيرِ الاغترابِ
*** *** ***
ورغْمَ مرارةِ الحِرمانِ تبقى
شآمي مِثلَ غانِيَةٍ كَعابِ
فيا جمرَ المواجِعِ في فؤادي
سقاكَ اللهُ مِنْ شَهدٍ مُذابِ
أعارَتْهُ السَّواقي في بلادي
لِدَنِّ الحُبِّ في خمرِ الخوابي
سَيبقى الحُبُّ نبْراساً لعقلي
فَمُتْ يا كُرهُ في حضنِ الصَّوابِ
أَنا في الشَّامِ آسادي تَرَبَّوْا
على صَفحٍ جميلٍ لا العتابِ
يَقيني أَنْ يَعُمَّ الخيرُ قومي
فَغادرْ دارَ قومي يا مُرابي
سَتَسْحَقُكُ الأسودُ إذا اسْتُثيرَتْ
وَتُرهِقُكُ البوادي والرَّوابي
وتَلعَنُكَ الأيامى واليتامى
إذا ازدانَتْ بألبِسَةِ السِّلابِ
وَتلْفِظُكُ العنادلُ ذاتَ شدوٍ
إذا اشتاقتْ لأوتارِ الرَّبابِ
دَعوتُ اللهَ أَنْ تزهو بلادي
وفيضُ الدَّمعِ مِنْ عَيني كِتابي
وَ تبقى الشَّامُ معراجَ الأماني
وسيفَ الحَقِّ في ساحِ الغلابِ
ونورَ الفجرِ إِنْ عَبَسَتْ كُروبٌ
وصوتَ العقلِ في زَمَنِ التَّغابي
رَعاكِ اللهُ يا عنقودَ خمري
ويا عَسَلاً يذوبُ معَ الرُّضابِ
أهيمُ أهيمُ في وطَنٍ جريحٍ
وأثمَلُ مِنْ مراراتِ العذابِ
وأَحسبُ أَنَّ صابَ العشقِ خمرٌ
تَعَتَّقَ في متاهاتِ الغيابِ
فَنَمْ يا بدرُ في جفني وغازِلْ
نجومَ السُّهدِ واهتِفْ للصِّحابِ
وأَخبِرْهُمْ بأنِّي رغمَ يأسي
لِشامِ العِزِّ جَدَّدْتُ انتسابي
...ياسر فايز المحمد...سوريا-حماة...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق