معارضة لقصيدة ابن زيدون الشهيرة التي مطلعها:
إني ذكرتك بالزهراء مشتاقا/و الأفق طلق و مرأى الأرض قد راقا
فَلْنَبْقَ عُشَّاقا /
منْ غيْمةِ الشّوقِ ماهَ الحُزْنُ رَقْراقا
و اللّيلُ صَبٌّ يبُثُّ النّجْمَ أشْواقا/
و في الأصَائلِ هبَّتْ نسْمةٌ عَبقتْ
فجال عطْرٌ بنفْحِ الشّوْقِ خفّاقا/
عينُ الأقاحي ترى دمْعي فتغْسِلني
عِطْرًا نديّا..و تحْبو القلبَ إشْفاقا/
و البدْرُ أدْركَ أشْجاني فطوَّقََني
بالنّورِ دفْئا..و بالآلاءِ أطْواقا/
في روْضةٍ من رياض الحُبِّ عابقةٍ
تُذْكي الحنينَ فيهْمي الوجدُ حَرّاقا/
رَفَّ القصيدُ شفيفا نافحا شَجَنًا
يهْمي حنينا بشجْو البوْح دفّاقا/
و الشَّوْقُ عرَّش في نبْضي و قافيتي
كما خميلٌ..برغْم الحُزْنِ..قد راقا/
و الوجْدُ قد مَاهَ في أعْتاب أخْيلتي
ينسابُ نهرا بمرْج الشِّعر مِغْداقا/
و الهَجْرُ قد شفَّ أضْلاعي و أنْسِجَتي
أدْمَى وَريدي و بالأحْداق قدْ حَاقا/
نسَجْتُ شوْقي خيوطا من جُمانِ دمي
جعلْتُها في عَمى الوجْدانِ أحْداقا/
شوِقي و توْقي و أنْهاري و أوْرِدَتِي
سكبْتُها خمرةً و الخِلُّ ما ذاقا/
سطْري و حرْفي و أقلامي و مِحْبرتي
أغْرقْتُها في عُبابِ الشّوق إغْراقا/
ترومُ وصْلا و تذْوي صبْوةً و جوًى
على رصيفِ النّوى تنْثال إهْراقا/
كمْ قد حلُمْنا بأفْراح الضّياءِ سُهًا
نفْتكُّها من عُيون اللّيْلِ سُرَّاقا/
كم قد حَلُمْتُ بدفْء الوَصْل يحْضنُني
و أحْتسي الشّهدَ أقْداحا و أطْباقا/
لكنَّما في هجيرِ الهَجْرِ أحْرقني
صقيعُ قلْبٍ لدفْء الوصْل ما تَاقا/
فألْجَمَ الحزْنُ حرْفي و المُنى اهْترأتْ
و غاض نبعُ الشَّذا..ما عاد دفَّاقا /
^^^^^^^^^^^^^^^^^^^
يا نبضَ قلبٍ رهيفٍ مُغْرمٍ دَنِفٍ
ينْهالُ شوْقا لعهْد الوصْل توّاقا /
يا بُهِْرَةَ النُّورِ من عِشْقٍ يُراوِدُني
يا نفْحةً من هوًى ما عاد مِغْداقا/
يا نجْمةً في ليالي البرْدِ ساريةً
هيّا أضيئي بليْل الحزْنِ آفاقا/
يا نسْمةً في أصيلٍ نافحٍ عَبَقا
هُبِّي عليْه بنفْحِ الشّوْق خفّاقا /
يا غيْمةً أمْطري رَوْض الحبيبِ شذًا
منْ غصْن شوْقي فيجْني منْه أعْذاقا /
يا دَمْعةً من ندًى في جفْن سوْسنةٍ
قولي له انَّ دمْعي ماهَ دفَّاقا /
يا جمْرةً من لهيبِ الشَّمْسِ حارقةً
قولي لهُ إن شوْقي صار حرَّاقا/
يا زهْرةَ الحُبِّ صُوغي صبْوتي قُطُفاً
مَنْضُودةً في سِلال الشّوق أطْوَاقا/
قُولي لهُ إنَّ نبْضي بالجَوى ثَمِلٌ
قولي لهُ إنَّ صدْرَ الصَّبْرِ قدْ ضاقا/
^^^^^^^^^^^^^^^^^^
هلْ يا تُرَى ذاتَ ذكْرى أو جَنَى نَدَمٍ
منْ نبْعِ صَبْوتهِ أقْتاتُ تِرْياقا؟/
هل سوْف تُزْهِرُ في الأضْلاع زَنْبقةٌ
تهْفو بعشْقٍ و لوْ (أضْناهُ ما لاقى)/
منْ يا تُرى كلَّ هذاالشوقِ أمْنحُهُ؟
هلْ بُهْرةٌ من ضياءٍ هلَّ إشْراقا؟/
أمْ نفحةٌ منْ عبيرٍ منْ جنَى زمَنٍ
قد ضوَّعتْهُ المُنى فاخْتالَ أعْناقا؟/
أم جنَّةٌ من رياض الوَصْل أخْلقُها
من نسْج أخْيلَتي عِشْقًا و أشْواقا؟/
أشْواقُ عاشقةٍ..أَلْغازُ أسْئلةٍ
في عتْمةٍ منْ دُجًى..ترْتادُ أنْفاقا /
و القلْبُ يصْدحُ بالأشْواق في وَلَهٍ:
رغْم النّوى و الجَوى فلنبْقَ عُشَّاقا./.
(سعيدة باش طبجي- تونس)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق