الوصية الأولى:
(القدس عاصمة النبي)
-1-
لم يحضر الغربا
فلا تتحجبي
آت معي
وجه الإباء اليعربي
آت معي شال لأمي
طرزت من خيطه كفنا لروحك يا أبي
متوضئا بدماء طفل شامخ
يحنو على أخت حنان الأشيب
فكأن لمسته أزاحت حزنها
و كأن دمعتها شفت ذاك الصبي
والله لولا الود من قلبيهما
ما حن عصفور لغصن معشب
-2-
حر اشتياقي للديار و أهلها
وحي يعذبني
و ما من مهرب
و كذبت
إن قلت الديار جميلة
فخرابها فينا قليل الواجب
و الأهل غرقى في الدماء
كأنهم في لج بحر
ما لهم من صاحب
أشتاقهم حد الجنون كأنني
إن بحت شوقا
كنت أكذب كاذب
خداعة تلك الأماني
لم يعد صدق الشعور يجيرها من شائب
فالذئب لا يرنو لغمزة نعجة
و الليث لا يبكي لحسن في الظبي
فاسرح بشوقك ما تشاء فإنها
محكومة باليأس روحك يا غبي
-3-
و أقول ..
ما كان الغباء مصيبتي
لكن ما بي
من غباك بأصعب
نار تعربد في ضلوعي
كلما آنست قدسا في سناء المغرب
أشتم حيفا في الحمام إذا أتى
يجتاح طبريا بأحلى موكب
و يجوب خاصرة الجليل و غزة
و يذوق أحلاما لشعب طيب
فيطير يعلن في السما تمردا
و يدك أسياج العدو الغاصب
يا عار جيش مارد و يخيفه
حجر بمنقار الحمام الأحدب
_4_
يا قدس مجروح أنا
فلتغسلي
قلبي من الدمع اللذيذ الأطيب
و لتسكني قلبي
و هزي نبضه
يساقط الأقصى يعانقه النبي
و يضم شمل الأنبياء كأنهم
جاؤوا لكي -يا قدس- لا تتعذبي
هذي عيوني
من يقين أبصرت
بيسان تحضن أضلعي و جوانبي
و تلفني بقماط ود مثلما
يلتف بحر حول طرد مراكب
و تخاف أن أنسى قضية عرسها
و أخاف أن تنسى بأني يعربي
_5_
أشكو لها أبناء يعقوب
و قد
أودوا بيوسف نحو أدنى غيهب
و استنكروا ذئبا يعض قلوبهم
و أتوه بالمال الذي لم يطلب
قولوا لهم إن العروبة كذبة
و العالم العربي خير مكذب
يا قدس
يا قدسي أنا لا تحزني
و لترفضي حكم الأذى و تأهبي
إني لأحلم كل يوم أنني
بعزيمتي أمتد جسرا فاذهبي
و امشي على جسمي أنا و لترفعي
قلبي على زيتون يافا الأهيب
ثم انظريني كيف أعبر جثتي
فحلا على خيل حرون أشهب
و أعود من بعد الممات مجاهدا
و كأن موتي مطلقا ما مر بي
_6_
يا قدس
قلبي في يديك رصاصة
شدي زناد الياسمين بشاربي
و لتقذفيني نحو مجد غابر
نبكيه من خلف الزمان الحاجب
مفتاح حطين أضاع سبيله
و صلاح مأسور بخيط عناكب
غرباء لم نحضر لنجدة أختنا
يا قدس من عرب الزمان تحجبي
قسما سأدفن بالحذا كوفيتي
حتى تعود القدس عاصمة النبي
***
بقلم : فارس دعدوش
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق